70% من الشركات في دبي ستغلق مع نهاية 2020
أشار مسح لغرفة التجارة والصناعة بدبي أن 70٪ من شركات دبي تتوقع الخروج من السوق مع نهاية عام 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا.
تعتمد دبي، التي تتمتع بواحد من أكثر الاقتصادات تنوعا وغير المعتمدة على النفط، على رأسها قطاعات الضيافة والسياحة والترفيه والخدمات اللوجستية والعقارات والتجزئة، وتحظى فنادقها ومطاعمها بإشادة دولية.
تشير استطلاعات غرفة التجارة والصناعة بدبي التي أجرتها في أواخر أبريل / نيسان 2020 مع 1,228 مديرًا تنفيذيًا من أصل 245.000 شركة في دبي، المسح شمل الشركات الصغيرة التي تضم أقل من 20 موظفًا عبر مجموعة من القطاعات خلال فترة إغلاق المدينة الأكثر صرامة. أشارت إلى أن نحو نصف المطاعم والفنادق ستوقف، مع توقع أن نحو 74% من شركات السفر والسياحة ستغلق قبل نهاية عام 2020. قال 27٪ أنهم يتوقعون خسارة أعمالهم مع نهاية شهر يونيو / حزيران المقبل، و43٪ يتوقعون الخروج من العمل في غضون ستة. وتتوقع 30٪ من شركات النقل والتخزين والاتصالات المصير نفسه.
وأبانت غرفة دبي في تقريرها الذي نشر حول تأثير فيروس كورونا على مجتمع العمال بدبي: “إجراءات الأغلاق الكامل جراء فيروس كورونا أدى لتدني الطلب في الأسواق الرئيسية العالمية والمحلية، مما أدنى لتأثير مزدوج دفع النشاط الاقتصادي لمستويات متدنية لم نشهد لها مثيل حتى في الأزمة المالية العالمية في 2008” ولكن صرّح لاحقاً المتحدث باسم غرفة تجارة دبي: “نحن نتوقع أن تتحسن ثقة الأعمال بشكل كبير في الأسابيع والأشهر المقبلة مع عودة الشركات إلى عملياتها الطبيعية”.
انكماش سكاني؟
لكن في ظل عدم اليقين الحالي، تقوم الشركات في الإمارات السبع في الإمارات، كما هو الحال في أماكن أخرى في جميع أنحاء العالم، بتخفيض الرواتب، ووضع الموظفين في إجازة بدون أجر، وخفض مستويات التوظيف.
يوجد في الإمارات ما يزيد عن 31,000 حالة إصابة مؤكدة، مع 253 حالة وفاة حتى الأسبوع الأخير من شهر مايو / أيار 2020. فرضت دبي، ومركزها التجارية والسياحية العالمية حظراً صارماً على مدار 24 ساعة على سكانها عددهم ما يقارب 3.4 مليون نسمة لمدة ثلاثة أسابيع في أوائل أبريل. وخففت بعدها لحظر ليلي فقط وقللت القيود بتاريخ 27 مايو / أيار.
على الرغم من تخفيف الإغلاق خلال شهر رمضان المبارك مما سمح للمراكز التجارية وبعض الشركات بالفتح بسعة 30٪، إلا أن الطلب بطيء والأسواق في تباطئ مستمر مع استمرار تسريح العمال بمختلف القطاعات الخاصة. الفنادق شبه خاوية، المطاعم بالكاد ترى فيها بضع زبائن، والرحلات السياحية معدومة.
بالنسبة لبلد يعتمد على 80٪ من السكان المغتربين على نشاطه الاقتصادي، فإن المخاطر كبيرة، إذا لم يعد بإمكان السكان العثور على عمل، فمن المرجح أن يعودوا إلى بلدانهم الأصلية، مما يؤدي إلى استنفاد قاعدة المستهلكين اللازمة لتمكين أي اقتصاد التعافي. ووفقاً للبعثات الدبلوماسية لتلك الدول، فإن أكثر من 304,000 مواطن هندي و45,000 مواطن باكستاني غادروا بالفعل أو سجلوا لمغادرة الإمارات العربية المتحدة بحلول أوائل مايو هذا بالإضافة لباقي الجنسيات المختلفة.
وقال ناصر الشيخ، المدير العام السابق لدائرة المالية في حكومة دبي، في وقت سابق من هذا الشهر: “أعتقد حتى الآن أننا نتطلع إلى الحد الأدنى من تقلص السكان بنسبة 10٪ لهذا العام”. وإن كانت بعض البيانات من مصادر أخرى تتوقع وصول أن تزيد النسبة عن 15% مع نهاية العام.
وأضافت غرفة دبي في تقريرها: “على الرغم من أن هذه صدمة مؤقتة لمعظم الأسواق حتى مع التعافي الظاهر بشكل تدريجي بمجرد تخفيف القيود، إلا أن التجارة مع أسواق دول مجلس التعاون الخليجي تمثل تحديًا خاصًا لأنها عانت من ضعف أسعار النفط بالتزامن مع جائحة فيروس كورونا.
حزم التحفيز
أعلنت حكومة دبي في أواخر مارس / آذار عن حزمة تحفيز بقيمة 1.5 مليار درهم (408 مليون دولار) تهدف إلى تعزيز السيولة وتخفيف وطأة عمليات إغلاق الفيروسات، والتي تضمنت مجموعة من استرداد الرسوم وتخفيضها، وخفض تكاليف المرافق. أعلنت أبو ظبي في نفس الشهر عن خطة تحفيز طارئة بقيمة 27 مليار دولار لمساعدة شركات القطاع الخاص والبنوك.
كما نشر البنك المركزي الإماراتي حزمة بقيمة 70 مليار دولار لمساعدة البنوك التجارية على تخفيف عبء الديون. لكن العديد من الشركات لا تزال بحاجة إلى مزيد من الدعم، أو تتردد في تحمل ديون جديدة بالنظر إلى التوقعات الهشة للتعافي، وفقًا للتقارير.
ويشير تقرير غرفة دبي إلى أنه في مارس “يبدو أن البنوك قد زادت الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة التي شهدت نموًا سنويًا بنسبة 5.3٪ لتصل إلى قيمة 93.4 مليار درهم إماراتي. لكان هذا التحسن يرجع بشكل رئيسي إلى حزمة التحفيز الحكومية المعلنة في مارس.”
وقال متحدث باسم غرفة دبي في الساعات التي تلت نشر المسح إن “حكومة دبي تواصل المراقبة وتقديم الدعم عند الضرورة لمساعدة مجتمع الأعمال في دبي خلال هذه الفترة”.
الاقتصاد متباطئ بالفعل قبل كورونا
تأتي أزمة كورونا بعد عدد من السنوات من انخفاض الإيرادات لبعض أهم قطاعات النشطة، وخاصة العقارات والضيافة. وانخفضت أسعار العقارات السكنية بالفعل بنسبة 30٪ عن ذروتها لعام 2014 وسط زيادة العرض وضعف الطلب، كما انخفضت الإيرادات لكل غرفة فندقية متاحة بأكثر من 25٪ منذ عام 2015.
نما اقتصاد دبي العام الماضي بنسبة 1.94٪ فقط، وهو أبطأ وتيرة له منذ الأيام المظلمة للانهيار الاقتصادي القريب في عام 2009. وأثار تلك الأزمة قبل أكثر من عشر سنوات، ولكن من المرجح أن يكون للوباء العالمي خسائر فادحة على كافة دول العالم ودبي من ضمنها بكثير من الانكماش الذي شهدناه قبل عقد من الزمن. وحذر تقرير الغرفة: “من المتوقع أن يكون تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد العالمي خلال 2020 أكبر من الأزمة المالية 2008-2009”.
وفقاً لإحصاءات التجارة الدولية 2019 الصادرة عن منظمة التجارة العالمية فإن صادرات الدولة من الخدمات تحتل المرتبة 22 عالمياً وتساهم بما نسبته 1.2% من الصادرات العالمية من الخدمات، فيما تأتي الصادرات السلعية وتشمل النفط في المرتبة 16 عالمياً وتساهم بما نسبته 1.8% من الصادرات العالمية، كما تتصدر دولة الإمارات المرتبة الأولى عربياً في الصادرات السلعية والخدمية، وتحتل الدولة المرتبة الـ3 عالمياً في إعادة تصدير السلع.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي أن تحقق الإمارات نمواً اقتصادياً إيجابياً في ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 3.3 % لعام 2021، حيث يتوقع أن تحقق الإمارات فائضاً في ميزان المدفوعات إلى الناتج الإجمالي المحلي بحدود 4.1 % للعام المقبل مقابل 1.5 % للعام الجاري.
ما الحلول؟
حزم التحفيز كان لها أثر جيد لكن لم يكن ملحوظاً لقوة الضربة الاقتصادية العالمية، ويجب على حكومة دبي والإمارات عامة الدفع بالمزيد من القوانين والمراسيم التنفيذية التي يجب أن يكون لها تأثر مباشر وبأثر رجعي خلال فترة الجائحة، ولعل من أهمها إقرار نظام للإيجارات السكنية كونها تستهلك القسم الأكبر من الدخل حيث لم تتخذ الحكومة أي إجراء لمواجهة جشع الملاك ومطالبة غالبيتهم بقيمة الإجار كاملة لذا يجب على هيئة التنظيم العقاري إصدار مرسوم فوري لتخفيض كافة الإيجارات بنسبة لا تقل عن 35 – 50% ما يتناسب وقيمّ التخفيضات في الرواتب، وإعادة النظر في قيم العقود السارية حاليا لتنخفض بنفس القيمة وهذا يعاد المعدل العالمي للنسب التي تمّ تخفيضها. وكذلك تخفيضات كبيرة في فواتير الكهرباء، والأهم تخفيض ملحوظ لا يقل عن 50% في فواتير الإنترنت والهواتف كونها مرتفعة جدا ولم تبادر أي من شركات الاتصالات باي تخفيض كان أو أي إجراء للمساعدة في هذه الجائحة، وكذلك إلغاء رسوم السكن من بلدية دبي على الشقق السكنية التي تعتبر كبيرة أو تخفيضها بنسبة لا تقل عن 50% لعام كامل كون المتوقع استمرار هذه الأزمة الاقتصادية لمدة عام على الأقل.
إن لم تتخذ إجراءات صارمة وقوية سوف يكون هناك انهيار متسارع في الاقتصاد ونزيف في العمالة التي ستعود لبلدانها والتي يعتمد عليهم الاقتصاد بشكل كبير. ونحن إذ نرجو من الله تعالى ألا يكن هذا التأثير الكبير على المدى المتوسط والطويل، لكن الاحتياط واتخاذ الإجراءات المناسبة التي تستبق الأحداث هي التي سوق تقينا من التخبط فيما بعد بردود فعل متسارعة على أزمة أكبر.
You must be logged in to post a comment.